المراة فى الاسلام 2
لم يامر الاسلام بالحفاظ علي المراة فحسب بل تعدي ذلك الي الاحسان الي المراة وذلك علي مراحل عمرها ككل فعن عائشه رضي الله عنها ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ((من يلي من هذه البنات شيئا فاحسن اليهن كن له ستر من النار)) رواه البخاري وعن ابي موسي الاشعري عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال ((ايما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فاحسن تعليمها وادبها فاحسن تاديبها فله اجران )) رواه البخاري وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلي الله عليه وسلم ((الايم احق بنفسها من وليها والبكرتستاذن في نفسها واذنها صماتها ))رواه مسلم والحديث يوضح ان المطلقه تستشار هي والبكر في زواجها وفي الشخص المتقدم للزواج وللخطبه فالمطلقه تنطق برايها واما البكر فنطقها رفض وصمتها موافقه واما ان كرهت زواجها منه مالاترضي ولم تستطع الصبر ولم تطق الحياهه معه فقد شرع لها الاسلام مفاقه زوجها وخلعه فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاءت امراة ثابت ابن قيس الي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت يارسول الله ما القم من ثابت دين ولا خلق الا اني اخاف الكفر فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فتردين له حديقته ؟ فقالت نعم فردت له حديقته وامره ففارقها))رواه البخاي فحرية المراة من خير ما جاء به الاسلام ولا يبق امامنا الا المواريث والتي ترث فيها المراة نصف الرجل وكذلك شهادة امراتين تعادل شهادة الرجل ويقول الله تعالي {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)}ونعم الرب خالقنا؛ إنه يوصينا في أولادنا، سبحانه رب العرش العظيم، كأننا عند ربنا أحب منا عند أبائنا. وقوله الكريم:{يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ} توضح أنه رحيم بنا ويحب لنا. ومادة الوصية إذا ما استقرأناها في القرآن نجد-بالاستقراء- أن مادة الوصية مصحوبة بالباء، فقال سبحانه: {ذلكم وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] وقال سبحانه: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً} [الشورى: 13] وقال الحق أيضا: {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً على وَهْنٍ}[لقمان: 14] كل هذه الآيات جاءت الوصية فيها مصحوبة بالباء التي تأتي للإلصاق.لكن عندما وصّى الآباء على الأبناء قال: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ} فكأن الوصية مغروسة ومثبتة في الأولاد، فكلما رأيت الظرف وهو الولد ذكرت الوصية. وما هي الوصية؟ إنها {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين} وقلنا من قبل: إن الحق قال:{لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون} [النساء: 7] ولم يحدد النصيب بعد هذه الآية مباشرة إلا بعد ما جاء بحكاية اليتامى وتحذير الناس من أكل مال اليتيم، لماذا؟ لأن ذلك يربي في النفس الاشتياق للحكم، وحين تستشرف النفس إلى تفصيل الحكم، ويأتي بعد طلب النفس له، فإنه يتمكن منها.والشيء حين تطلبه النفس تكون مهيأة لاستقباله، لكن حينما يعرض الأمر بدون طلب، فالنفس تقبله مرة وتعرض عنه مرة أخرى. ونلحظ ذلك في مناسبة تحديد أنصبة الميراث.فقد قال الحق سبحانه أولا: {لرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون}[النساء: 7] وعرض بعد ذلك أمر القسمة ورعاية اليتامى والمساكين وأولي القُربى، ثم يأتي الأمر والحكم برعاية مال اليتيم والتحذير من نهبه، وبعد ذلك يقول: {يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُم} ويأتي البند الأول في الوصية {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين} ولماذا لم يقل (للأنثيين مثل حظ الذكر). أو (للأنثى نصف حظ الذكر)، هذه معان يمكن أن تعبر عن المطلوب.لقد أراد الله أن يكون المقياس، أو المكيال هو حظ الأنثى، ويكون حظ الرجل هنا منسوبا إلى الأنثى، لأنه لو قال: (للأنثى نصف حظ الرجل) لكان المقياس هو الرجل، لكنه سبحانه جعل المقياس للأنثى فقال: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين}.والذين يقولون: هذا أول ظلم يصيب المرأة، نريد المساواة. نقول لهم: انظروا إلى العدالة هنا. فالذكر مطلوب له زوجة ينفق عليها، والأنثى مطلوب لها ذكر ينفق عليها، إذن فنصف حظ الذكر يكفيها إن عاشت دون زواج، وإن تزوجت فإن النصف الذي يخصها سيبقى لها، وسيكون لها زوج يعولها.إذن فأيهما أكثر حظا في القسمة؟ إنها الأنثى. ولذلك جعلها الله الأصل والمقياس حينما قال: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثيين}فهل في هذا القول جور أو فيه محاباة للمرأة؟ إن في هذا القول محاباة للمرأة؛ لأنه أولا جعل نصيبها المكيال الذي يُرد إليه الأمر؛ لأن الرجل المطلوب منه أن ينفق على الأنثى، وهي مطلوب لها زوج ينفق عليها.إذن فما تأخذه من نصف الذكر يكون خالصا لها، وكان يجب أن تقولوا: لماذا حابى الله المرأة؟ لقد حابى الله المرأة لأنها عرض، فصانها، فإن لم تتزوج تجد ما تنفقه، وإن تزوجت فهذا فضل من اللهالاحسان اما عِن شهادة المراة نصف شهادة الرجل فيقول الله تعالي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)البقرة)إن الحق سبحانه وتعالى قد طلب منا على قدر طاقتنا أي من نرضى نحن عنهم، وعلل الحق مجيء المرأتين في مقابل رجل بما يلي: {أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى}؛ لأن الشهادة هي احتكاك بمجتمع لتشهد فيه وتعرف ما يحدث.والمرأة بعيدة عن كل ذلك غالبا.أن الأصل في المرأة ألا علاقة لها بمثل هذه الأعمال، وليس لها شأن بهذه العمليات، فإذا ما اضطرت الأمور إلى شهادة المرأة فلتكن الشهادة لرجل وامرأتين؛ لأن الأصل في فكر المرأة أنه غير مشغول بالمجتمع الاقتصادي الذي يحيط بها، فقد تضل أو تنسى إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وتتدارس كلتاهما هذا الموقف، لأنه ليس من واجب المرأة الاحتكاك بجمهرة الناس وبخاصة ما يتصل بالأعمال.وبعد ذلك يقول الحق: {وَلاَ يَأْبَ الشهدآء إِذَا مَا دُعُواْ} فكما قال الحق عن الكاتب ألا يمتنع عن توثيق الديْن، كذلك الشهادة على هذا الديْن. وكيف تكون الشهادة، هل هي في الأداء أو التحمل؟ إن هنا مرحلتين: مرحلة تحمل، ومرحلة أداء.وعندما نطلب من واحد قائلين: تعال اشهد على هذا الديْن. فليس له أن يمتنع، وهذا هو التحمل. وبعدما وثقنا الديْن، وسنطلب هذا الشاهد أمام القاضي، والوقوف أمام القاضي هو الأداء. وهكذا لا يأبى الشهداء إذا ما دعوا
. تعالى: {بِمَا فَضّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} والضمير للرجال والنساء جميعًا، يعني إنما كانوا مسيطرين عليهن بسبب تفضيل الله بعضهم، وهم الرجال، على بعض، وهم النساء، وقد ذكروا، في فضل الرجال، العقل والحزم والعزم والقوة والفروسية والرمي، وإن منهم الأنبياء وفيهم الإمامة الكبرى والصغرى والجهاد والأذان والخطبة والشهادة في مجامع القضايا والولاية في النكاح والطلاق والرجعة وعدد الأزواج وزيادة السهم والتعصيب، وهم أصحاب اللحى والعمائم، والكامل بنفسه له حق الولاية على الناقص.وأشار للثاني بقوله سبحانه: {وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} في مهورهن ونفقاتهن فصرن كالأرقاء، ولكون القوامين في معنى السادات وجبت عليهن طاعتهم، كما يجب على العبيد طاعة السادات.وروى ابن مردويه عن علي رَضِي اللّهُ عَنْهُ قال: أتى رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم رجل من الأنصار بامرأة، فقالت: يا رسول الله! إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها فأثر في وجهها، فقال رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم:«ليس له ذلك».فأنزل الله تعالى: {الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَاء} في الأدب، فقال رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم: «أردت أمرًا وأراد الله غيره»، ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم مرسلًا من طرق.قال السيوطيّ: وشواهده يقوي بعضها بعضًا، وقال عليّ بن أبي طلحة في هذه الآية عن ابن عباس: يعني أمراء عليهن، أي: تطيعه فيما أمرها الله به من طاعة، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله.وروى الترمذيّ عن أبي هريرة أن رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم قال: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا».
{فَالصّالِحَاتُ} أي: من النساء.{قَانِتَاتٌ} أي: مطيعات لله في أزواجهن.
{حَافِظَاتٌ لّلْغَيْبِ} قال الزمخشري: الغيب خلاف الشهادة، أي: حافظات لمواجب الغيب، إذا كان الأزواج غير شاهدين لهن، حفظن ما يجب عليهن حفظه في حال الغيبة، من الفروج والأموال والبيوت.
{بِمَا حَفِظَ اللّهُ} أي: بحفظ الله إياهن وعصمتهن بالتوفيق لحفظ الغيب، فالمحفوظ من حفظه الله، أي: لا يتيسر لهن حفظ إلا بتوفيق الله، أو المعنى: بما حفظ الله لهن من إيجاب حقوقهن على الرجال، أي: عليهن أن يحفظن حقوق الزوج في مقابلة ما حفظ الله حقوقهن على أزواجهن، حيث أمرهم بالعدل عليهن وإمساكهن بالمعروف وإعطائهن أجورهن، فقوله: {بما حفظ الله}، يجري مجرى ما يقال: هذا بذاك، أي: في مقابلته.وجعل المهايمي الباء للاستعانة حيث قال: مستعينات بحفظه مخافة أن يغلب عليهن نفوسهن، وإن بلغن من الصلاح ما بلغن. انتهى.وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعًا: «خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت حفظتك في نفسها ومالك، قال: ثم قرأ رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم هذه الآية: {الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَاء} إلى آخرها».وروى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللهُ عليّه وسلّم: «إِذَا صَلّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنّةَ مِنْ أي: الأَبْوَابِ شِئْتِ».تنبيه:قال السيوطيّ في [الإكليل]: في قوله تعالى: {الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَاء}: إن الزوج يقوم بتربية زوجته وتأديبها ومنعها من الخروج وإن عليها طاعته إلا في معصية، وإن ذلك لأجل ما يجب لها عليه من النفقة، ففهم العلماء من هذا أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قوامًا عليها، وسقط ما له من منعها من الخروج.واستدل بذلك من أجاز لها الفسخ حينئذ، ولأنه إذا خرج من كونه قوامًا عليها فقد خرج عن الغرض المقصود بالنكاح.واستدل بالآية من جعل للزوج الحجر على زوجته في نفسها ومالها، فلا تتصرف فيه إلا بإذنه، لأنه جعله {قوامًا} بصيغة المبالغة، وهو الناظر في الشيء الحافظ له.واستدل بها على أن المرأة لا تجوز أن تلي القضاء كالإمامة العظمى، لأنه جعل الرجال قوامين عليهن، فلم يجز أن يقمن على الرجال. انتهى.
{وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنّ} أي: عصيانهن وسوء عشرتهن وترفعهن عن مطاوعتكم، من (النشز) وهو ما ارتفع من الأرض يقال: نشزت المرأة بزوجها وعلى زوجها: استعصت عليه، وارتفعت عليه وأبغضته، وخرجت عن طاعته.{فَعِظُوهُنّ} أي: خوفوهن بالقول، كاتقي الله، واعلمي أن طاعتك لي فرض عليك، واحذري عقاب الله في عصياني، وذلك لأن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته، وحرم عليها معصيته، لما له عليها من الفضل والإفضال، وقد قال رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم: «لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا». رواه الترمذيّ، عن أبي هريرة والإمام أحمد عن معاذ، والحاكم عن بريدة.وروى البخاريّ عن أبي هريرة رَضِي اللّهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم: «إِذَا دَعَا الرّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتّى تُصْبِحَ»، ورواه مسلم، ولفظه: «إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتّى تُصْبِحَ».{وَاهْجُرُوهُنّ} بعد ذلك إن لم ينفع الوعظ والنصيحة.
{فِي المضَاجِعِ} أي: المراقد فلا تدخلوهن تحت اللحف ولا تباشروهن، فيكون كناية عن الجماع.قال حماد بن سلمة البصري: يعني النكاح، وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: الهجر هو أن لا يجامعها، ويضاجعها على فراشها، ويوليها ظهره، وكذا قال غير واحد.وزاد آخرون منهم السدي والضحاك وعكرمة وابن عباس (في رواية): ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها، وقيل: المضاجع المبايت، أي: لا تبايتوهن.وفي السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال: يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: أن تطعمها إذا طمعتَ، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت.{وَاضْرِبُوهُنّ} إن لم ينجع ما فعلتم من العظمة والهجران، ضربًا غير مبرح أي: شديد ولا شاق، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم أنه قال في حجة الوداع: «واتقوا الله في النساء، فإنهن عوانٍ عندكم، وَلَكُمْ عَلَيْهِنّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ. فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرّحٍ».قال الفقهاء: هو أن لا يجرحها، ولا يكسر لها عظمًا، ولا يؤثر شينًا، ويجتنب الوجه لأنه مجمع المحاسن، ويكون مفرّقًا على بدنها، ولا يوالي به في موضع واحد لئلا يعظم ضرره، ومنهم من قال: ينبغي أن يكون الضرب بمنديل ملفوف، أو بيده! لا بسوط ولا عصا، قال عطاء: ضرب قال الرازي: وبالجملة، فالتخفيف مراعى في هذا الباب على أبلغ الوجوه، والذي يدل عليه أنه تعالى ابتدأ بالوعظ، ثم ترقى منه إلى الهجران في المضاجع، ثم ترقى منه إلى الضرب، وذلك تنبيه يجري مجرى التصريح في أنه مهما حصل الغرض بالطريق الأخف، وجب الاكتفاء به، ولم يجز الإقدام على الطريق الأشق، وهذه طريقة من قال: حكم هذه الآية مشروع على الترتيب، فإن ظاهر اللفظ، وإن دل على الجمع، إلا أن فحوى الآية يدل على الترتيب.قال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس: يهجرها في المضجع، فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربًا غير مبرح، ولا تكسر لها عظمًا، فإن أقبلت وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية.وقال آخرون: هذا الترتيب مراعى عند خوف النشوز، أما عند تحققه فلا بأس بالجمع بين الكل.وعن النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم: «علقوا السوط حيث يراه أهل البيت، فإنه أدب لهم». رواه عبد بن حميد والطبراني عن ابن عباس، وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر.
{فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنّ سَبِيلًا} أي: إذا رجعن عن النشوز عند هذا التأديب إلى الطاعة في جميع ما يراد منهن مما أباحه الله منهن، فلا سبيل للرجال عليهن بعد ذلك بالتوبيخ والأذية بالضرب والهجران.
0 تعليقات